Admin Admin
المساهمات : 199 تاريخ التسجيل : 07/11/2012 العمر : 31 الموقع : شات الحره
| موضوع: مصادر التشريع الأربعاء نوفمبر 28, 2012 9:52 pm | |
| سواءا اتفقنا او اختلفنا على مصادر التشريع , أو أولوية هذه المصادر في استخلاص الاحكام من الأدلة , وسواء كنت أصولي أو متطرف أو متحرر أو متوازن , فكلنا يتوقف أمام كلام الفلاسفة والحكماء والقادة التاريخيين ونستلهم منه العبرة والعظة ونسترشد بهم في حياتنا .
محمد رسول الله , حمل صفات عديدة .. يبلغ الوحي عن ربه وقائد سياسي وجندي في الحرب وقاضي يفصل في المنازعات .
عاش اربعين سنة لا يكذب ولا يسرق ولا يعاقر الخمر وشهدت له زوجه أنه كان يقري الضيف ويعين على نوائب الدهر , وشهد له قومه , من الكفار , بالحكمة وسعة الافق ورحابة الصدر وحسن الخلق والعفة .
وكان يخرج , كالرحالة أو الفلاسفة أو المتصوفين , الى البادية حيث الصحراء والسماء والنجوم المسروجة , يأكل القليل ولا يستخدم من زينة الحياة شيء .. يبيت في كهف محفور في سفح جبل , يروض شهواته ويحفز عقله على التأمل ويصفي روحه من كل ما علق بها شوائب الدنيا من نزاعات وصراع .
يتزوج امرأة واحدة يظل معها 27 سنة متواصلة حتى ماتت , دون أن يتزوج عليها أو يتورط في علاقة خارج اطار الزوجية .
ولم يتخذ القينات والجواري , رغم ان عصرهم كان يسمح بذلك .. لقد كان رجلا قسيما جسيما فتيا قويا , تنفر عروقه بدماء حارة , ولكنه تغاضى عن نوازع اللذة وتعدد مشاربها واكتفى بأقل القليل .. زوجة واحدة , بلا عشيقة أو رفيقة أو خدينة أو إيماء .
وحينما بدأ التعدد كان قد بلغ 53 سنة من حياته , بعد أن زال عنفوان الشباب , وكان لحكمة .
دعونا نتعلم من محمد الرسول , ومحمد القائد التاريخي .. وتلك ومضة في عقولنا حيث تاهت منا الركائز الفكرية الرشيدة في علاقة الدين بالحياة وتداخلاته مع الدولة , وبين مقاصد الدين وأصوله وأهدافه وبين شكليات تافهة أو قشور فارغة أو مرحليات زائلة .
دعونا نقرأ في البخاري , فصاحبه بذل جهدا خرافيا في تنقيته من الشوائب .. لقد تلقى البخاري عن أساتذته 600 الف حديث , فترك منها 580 ألف حديث , ولم يأخذ سوى ألفين فقط .. فالرجل لم يكن سلفيا مقلدا ينقل ما وصل له وفقط , بل فحصه بدقة ووضع ضوابط صارمة حتى رفض أكثر من 99% من الروايات المتداولة في وقته . وتلك جرأة فريدة .
ورغم ذلك لم يسلم البخاري نفسه من النقد .. فهو في النهاية بشر لا ينقل عن السماء إنما ينقل عن بشر مثله .. ولذلك رد الامام مسلم بعض روايات البخاري , ورد الدار قطني روايات اخرى . ولم يتهمهم أحد بانكار السنة أو الفسق أو الكفر .. فالخطأ البشري وارد .
*
يروي البخاري في كتاب "العلم" , بحديث رقم 59 , عن أبي هريرة أن جاء الرسول أعرابي يسأله متى الساعة , فسكت النبي عنه ثم أجابه , فقال :
"إذا ضيعت الامانة فانتظر الساعة .. قال وكيف إضاعتها ؟ قال , إذا وسد الأمر الى غير أهله ."
الرسول يقول لنا أنه حينما يتولى المسئولية شخص غير كفء لها فهذا أمر ينذر بالهلاك المبين , ودمار الارض وزوال الحياة . وقيام الساعة .
السؤال الآن بكل وضوح , هل ضابط الشرطة يعين في مكانه لأنه كفء ؟؟ هل القاضي يعين في مكانه لأنه كفء ؟؟ هل عضو مراكز البحوث يعين في مكانه لأنه كفء ؟؟
هل رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل تم تعيينه في مكانه من قبل الرئيس مرسي لأنه كفء , أم لأنه الاكثر موالاة ومهادنة وانتماءا لأفكاره ورضوخا لأوامره ؟؟ هل تم تعيين مستشاري الرئيس لأنهم كفء ؟؟ هل تم اختيار اعضاء مجلس الشعب لأنهم الأكفأ .. الأكفأ في القانون والاقتصاد والادارة والبحث العلمي ودراسة التاريخ ؟؟
بلدنا بعيدة كل البعد عن روح الاسلام , والمؤسسات فيها قائمة على المحسوبية والظلم والعشوائية , والتيارات الاسلامية ليست أفضل حالا , فهي إما مصابة بذات الداء , أو غير فاهمة أصول الدين في الاصلاح وأصول الدولة في الارتقاء والنماء .
تريدون تطبيق الشريعة , كما قال الرسول , إذن قدموا الكفاءات .
القوي لإمارة الجيش حتى ولو كان فاسقا , فقوته للناس وفسقه على نفسه .. والتقي لإمامة الصلاة ولو كان ضعيفا , فتقواه للناس وضعفه على نفسه .
*
اكمالا للمسير في كتاب العلم بالبخاري ,
يروي عبد الله بن مسعود عن النبي أنه قال " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق . ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها " .
الرسول يقول لنا أن أكثر شيئا يسعد به الانسان ويرجوه لنفسه , هو المال الذي ينفق في سبل الحق .
والمال لو انتقل من الفرد الى الدولة يصير علما اسمه الاقتصاد .. اذن من اكبر نعم الله على دولة أن تكون صاحبة اقتصاد قوي , وأن يسخر هذا الاقتصاد في خدمة الناس ويعود عليهم جميعهم بالرفاهة دون ظلم أو احتكار ..
انها كلمة "الحق" التي قال عنها الرسول .
في بلادنا الامراء في الخليج يملكون مليارات وهناك في الشعب فقر وأمية ومرض .. وفي مصر تحكمنا طبقة الـ 1% التي تمتلك الشركات والوظائف العامة والطائرات الخاصة والقرى السياحية والعلامات التجارية الكبرى .. فهل تلك دولة تريد تطبيق الشريعة ؟؟
تريدون شريعة الله يا سادة إذن اصلحوا الاقتصاد , والاصلاح يكون بالدرسات المنهجية الحديثة وليس العودة الى اقتصاد المساقاة والمزارعة والسلم والسلف .
النصف الثاني من الحديث يقول : ورجل آتاه الله الحكمة , فهو يقضي بها ويعلمها .
والحكمة كلمة عامة تتجاوز المعارف الشرعية البحتة من عقيدة وعبادة , وتشير الى معرفة كاملة بأمور الحياة ومشاكل الناس لأنه سيقضي بهذا العلم بينهم .. ومن يقضي يفترض فيه إلمام ودراية وخبرة .ليحقق العدل .
ثم يقول الرسول أنه يعلم تلك الحكمة للناس , وتلك وظيفة مهمة وخطيرة , تعليم العلم والحكمة , ونشر المعرفة .
نستخلص هنا مفوهمان , العدل في الحكم , ونشر المعرفة .
وتكون القيم المستقاه من الحديث النبوي الصحيح : الاصلاح الاقتصادي – الاصلاح القضائي – نشر المعرفة .
حديث واحد يصلح لأن يتفق عليه الجميع , يسار ويمين ووسط .. مسلم ومسيحي وبهائي .. ابو اسماعيل ومايكل منير وحمزاوي والبرادعي , والست أم محمد .
أم محمد التي لا تنتظر العدل والرفاهة والمعرفة .. بل تنتظر نقطة مياة نظيفة , وشارع غير غارق بمياه المجاري يمكن السير فيه دون أن يتلوث حذاءها المهترئ .
*
يقول الله لرسوله ( ومن يطع الرسول فقد أطاع الله . ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا )
الرسول لا يمتلك إلا أن يدعو الناس لطاعة تعاليم الاسلام .. فقط الدعوة دون اكراة أو الزام .. ولو تولوا فهو لا يملك سلطة , سوى الاقناع والحب .. ولذلك قال الله له ( فما أرسلناك عليهم حفيظا )
فلماذا يحاول البعض أن يأخذ لنفسه سلطات أوسع من سلطات الرسول ؟؟
طبعا هنا حكمة , وهي أن الانسان لو اجبر على تصرفات بعينها في السلوك والعبادة والعقيدة , فهو لن يكافأ عنها لو كانت صوابا ولن يعاقب عنها لو كانت خطأ .
يجب أن تكون هناك مساحة من الحرية حتى يكون هناك تكليف ومساءلة .. الحرية أيها الحمقى , وإلا انتفت فكرة الثواب والعقاب . | |
|